الإكتئاب

sh67at-b65a16db1dإن الإحساس الوقتى بالحزن هو جزء طبيعى من الحياة .. أما الإكتئاب فهو الإحساس بالحزن بما لا يتناسب مطلقاً مع ما يتعرض له الإنسان من أي مؤثرات خارجية, فالحزن وفقدان الثقة وعدم تقدير الذات واللامبالاة والزهد الغير متوازن يمثلون أعراض الإكتئاب الرئيسية, ولعلك تعلم أن أحد أخطر أنواع الاضطرابات الوجدانية هو مرض الإكتئاب حيث يعاني صاحبه تغيير واضح وملموس فى المزاج وفى قدرته على الإحساس بذاته والعالم من حوله.

والإكتئاب ثلاثة: مستبد, معكر, ومقلب:
- الإكتئاب المستبد الشديد؛ أعراضه متداخلة تؤثر فى القدرة على العمل والنوم والشهية والاستمتاع بمباهج الحياة مع انكسار النفس وهبوط الروح المعنوية, وتلك الأعراض تزداد بالصباح وتقل تدريجيا أثناء اليوم.
- الإكتئاب المعكر للصفو؛ أعراضه مزمنة مستمرة لمدد طويلة ولكنها لا تعيق حياة الإنسان بل تجعله لا يستطيع العمل بكفاءة ولا يستطيع الشعور بالبهجة والسعادة فى الحياة.
- الإكتئاب المقلب للمزاج؛ ويسمى الاكتئاب ثنائى القطبية لأنه متقلب بين الاكتئاب والانشراح (حالات الهوس). والتغيير أو التقلب فى المزاج قد يكون سريع وحاد ولكن فى الغالب يكون بصورة متدرجة, إلا في حالات الهوس فإن جميع الأعراض تكون موجودة ومؤثرة في التفكير والقدرة على الحكم لكل من الأمور والسلوك الاجتماعي لدرجة تسبب مشاكل خطيرة وإحراج شديد. وهناك من الإكتئاب ما يصاب به أكثر من 10% من النساء بعد الولادة, فعادة وبعد الإنجاب تصاب المرأة بأعراض الضيق والتقلب بالمزاج، ولكن إذا إستمرت تلك الأعراض لعدة أيام واضحة وشديدة فإننا بصدد إكتئاب ما بعد الولادة وقد يكون خطيراً لكلا من الأم والمولود.
وهناك الاكتئاب الوجدانى الموسمى؛ وهو نوع من أمراض الاكتئاب الذى يتخذ من فصل الشتاء موسماً له, ويكون مصحوباً بعدة أعراض كالنقص فى الحيوية وزيادة شديدة فى النوم والنهم الشديد للمواد الكربوهيدراتيه (النشوية), ويحتاج الإنسان المصاب بهذا النوع من الإكتئاب التعرض للضوء الساطع فى الصباح, فالضوء يساعد على تحسن حالة الإنسان بشكل ملحوظ.
وهناك الإكتئاب العصري .. غريب الأطوار؛ وصاحب هذا النوع من الإكتئاب بصفة عامة لديه شهية أكثر من المعتاد، وينام مدد طويلة أكثر من اللازم ويسعد بالاستمتاع بالحفلات والموسيقي الصاخبة والإستمتاع بقضاء ساعات طويلة أمام الإنترنت دون هدف، وتلك الأعراض عكس طبيعة مريض الاكتئاب الطبيعي الذى يعانى من نقص الشهية وعدم النوم والذى لا يستطيع الاستمتاع بأى شئ. ويعد هذا النوع غريب الأطوار الأكثر شيوعاً في هذا العصر.
تتغير صورة الإكتئاب بتغير العمر؛ ففي الأطفال يأخذ الإكتئاب صورة اضطرابات نمائية كفقدان الطفل التحكم في البول بعد أن كان قادرا علي ذلك أو إظهار صعوبة قي النطق كالتهتهة بعد أن كان كلامه سلسا, وفي الأطفال الأكبر والمراهقين يأخذ الاكتئاب صورة اضطرابات سلوكية فيبدأ الطفل أو المراهق في الكذب أو السرقة دون داعي وربما اعتبر الوالدان ذلك خللا في التربية دون النظر إلى انه قد يكون تعبيرا عن مشاعر دفينة بالحزن, وكثيرا ما يأخذ الاكتئاب صورة أعراض جسدية حتى سن الأربعين وبدلا من أن يقول المريض انه حزين فانه يترك ذلك لجسده الذي يبدأ في التألم فتبدأ المعاناة من أمراض الجهاز الهضمي أو الحركي أو غيرها, في حين أن الاكتئاب فى المسنين يظهر بصورة اضطرابات معرفية فيحدث الخلط بين مريض الاكتئاب ومريض الشيخوخة.
عليك العلم أن الإكتئاب يؤثر على طريقة أكلك ونومك وطريقة إحساسك بنفسك وحتى طريقة تفكيرك, فالإكتئاب ليس حالة تستطيع طردها أو الهروب منها بالتفكير فى أشياء أخرى للرجوع إلي طبيعتك, وإنما المصراحة والعلاج فبدونهما تستمر الأعراض في التطور لأسابيع أو شهور أو تصبح مزمنة, وتتمثل أعراض الإكتئاب في:
- الحزن المستمر الغير متناسب
- التشاؤم وفقدان الأمل
- الشعور المبالغ بالذنب
- فقدان القيمة الذاتية وقلة الحيله
- فقدان الإهتمام والشعور الإستمتاع
- الأرق المفرط أو النوم الزائد
- فقدان الشهية ونقص بالوزن أو زيادة الشهية وزيادة الوزن
- فقدان الحيوية والإجهاد والبطء
- التفكير فى الموت أو الانتحار أو محاولة الانتحار
- عدم القدرة على الاستقرار والتوتر المستمر
- صعوبة التركيز والتذكر واتخاذ القرارات
- الصداع واضطراب الهضم أو الآلام المستمرة بالجسم إن الإكتئاب يصاحبه تغير كيميائي بالمخ بسبب الأصابة بالمرض أو بالضغوط الحياتيه والإحباط والحزن, فالتغيرات الهرمونية فى الجسم قد تكون من الأسباب المحركة للاكتئاب كظهور أعراض الإكتئاب لدى النساء فى فترة ما قبل الدورة الشهرية, وأثناء استخدام أقراص منع الحمل, ومصاحبته للحمل أو الولادة أو سن اليأس, كما أن بعض الأمراض المزمنة قد يصاحبها الإكتئاب مثل أمراض القلب المزمنة وكذلك مرض الشلل الرعاش, والاكتئاب يكون بسبب اضطراب كيميائى فى الجهاز العصبى وليس بسبب التوترات النفسية المصاحبة للمرض وذلك لأن الأمراض العضوية الشديدة الأخرى لا يصاحبها الاكتئاب.
بل والعجيب أن كيمياء المخ عند بعض البشر مهيأة لحدوث مرض الاكتئاب بينما البعض الآخر تكون الفرصة للإصابة بالاكتئاب طفيفة حتى فى حالة تعرضهم لنفس المؤثرات العضوية أو النفسية, وهناك بعض الأسر لها تاريخ في الإضطرابات الوجدانية أباً عن جد.
وتتمثل أهم طرق العلاج النفسى لمرضى الاكتئاب في:
- العلاج المعرفي السلوكي: وهو علاج مباشر تستخدم فيه آليات وأدوات معينة وفنيات معرفية لمساعدة المريض في تصحيح أفكاره السلبية ومعتقداته اللاعقلانية التي تصاحبها خلل انفعالي وسلوكي وتحويلها إلى معتقدات يصحبها ضبط انفعالي وسلوكي.
- العلاج النفسي التدعيمي: وهو وسيلة علاجية يقصد بها إعادة التوازن الانفعالي للفرد والعمل علي إزالة أو التقليل من أعراضه المرضية بطريقة سريعة بالتوجية وضبط التوتر والإيحاء والتحفيز والتفريغ العقلي.
وسنتناول العلاج المعرفي السلوكي والعلاج النفسي التدعيمي في المقالات القادمة بإذن الله
Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...